القائمة الرئيسية

الصفحات


نص الحديث

عن أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:  (بينما نحن جلوس عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم؛ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه! قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).

شرح الحديث

إن هذا الحديث الشريف ليعتبر من أهم وأعظم وأجمع أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حتى قال بعض العلماء: إنه مدار جميع طوائف علماء الإسلام: من فقهاء ووعاظ وزهاد وعباد، وهو مع طوله يضع منهجاً تعليمياً بجانب المنهج العلمي، فقد أرشد فيه (صلى الله عليه وسلم)أن جبريل عليه السلام جاء يعملهم أمر دينهم، فجمع الدين كله بتعليم من جبريل عليه السلام في هذا الحديث.
المكان الذي أتى فيه جبريل للنبي (صلى الله عليه وسلم) وهيئة المعلم وطالب العلم:
جاء جبريل عليه الصلاة والسلام إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) في صورة الرجل المتعلم، فى المسجد النبوي الشريف، ويبين لنا الحديث صورة طالب العلم كيف يأتي إلى المسجد وإلى المعلم بهذه الصورة: (شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر) فطالب العلم وخاصة العلماء تكون لهم هيئتهم ونظافتهم ومظهرهم. 
وكان للنبي (صلى الله عليه وسلم) مجلساً خاصاً في المسجد النبوي يستقبل فيه الناس. فقول عمر رضي الله تعالى عنه: (إذ طلع) ، هذه (إذ) الفجائية، كأننا فوجئنا بشخصٍ. فقد جاء جبريل عليه السلام بصورة رجل ودخل واستأذن، فاقترب وجلس إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أسند الركبتين إلى الركبتين، وأخذ كفيه وبسطهما ووضعهما على فخذي النبي (صلى الله عليه وسلم)، ثم قال: (يا محمد!) .
ثم قال: (أخبرني عن الإسلام) فأجابه (صلى الله عليه وسلم). ويرى بعض العلماء أنه لم يعرفه، ويروي في ذلك: (ما التبس عليّ جبريل قط حينما يأتيني إلا هذه المرة، وما عرفته إلا بعد أن ولى)، فكأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) بنفسه ما عرف السائل بأنه جبريل عليه السلام حتى ولى، فعرف من توليه أنه جبريل، وقال: (ردوا عليّ الرجل) ، لأنه تذكر بأنه جبريل عليه الصلاة والسلام.
شرح أركان الإسلام الخمسة
أجاب النبي (صلى الله عليه وسلم) جبريل عن الإسلام بأركان الإسلام الخمسة التي هي: (أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال: صدقت يا محمد! قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه) .
ونقف هنا عند هذه الأركان الخمسة، بالمقارنة بقوله: (أخبرني عن الإيمان) فأخبره بأمور كلها غيبية، قال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره) .

دلالة الإسلام على الأعمال الظاهرة والإيمان على الغيبيات

أركان الإسلام كلها أعمالٌ ظاهرة، أولها: النطق بالشهادتين، فالنطق مسموع بالآذان. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة: وهي جزء من مالك تخرجه للفقراء. وصوم رمضان: وهو كف الإنسان عن الطعام والشراب والمبطلات للصيام. وتحج البيت: وهي رحلة طويلة إلى بيت الله الحرام لها مناسك معلومة في أيام معدودة.
ولذا قالوا: أركان الإسلام تنبعث من معنى الإسلام نفسه، فهو الاستسلام والانقياد أى يستسلم العبد لله في أوامره بأن يأتي ما أمره الله به، وفي نواهيه بأن يجتنب ما نهاه الله عنه، وإذا كان الأمر كذلك؛ كانت عوامل الاستسلام ظاهرة.
بينما الإيمان: أن تؤمن بالله، وإن لم تره ولم تلمسه، فهو أمر غيبي، ولكن توقن بوجوده استدلالاً بآثاره: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢١] ، {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ} [الملك:١٦] الآيات. وملائكته لم نرهم ولم نشاهدهم، وقد شاهد بعض الناس بعض الملائكة فرداً من أفراد الجنس، وإذا رأينا ملكاً واحداً لكأنما رأينا جميع الملائكة؛ لأنها جنس.

معنى: (أشهد أن لا إله إلا الله)

قال (صلى الله عليه وسلم): (الإسلام: أن تشهد أن لا إله وأن محمداً رسول الله) . قولك: (أشهد أن لا إله إلا الله) أي: معتقداً بذلك جازماً بأنه لا مألوه بحقٍ إلا الله، ومألوه بمعنى: معبود، لا معبود بحق إلا الله، فلا ينبغي صرف شيء من العبادات لغير الله، وجيء كلمة (بحق) لأن هناك معبودات كثيرة، كما اتخذ العرب في الجاهلية أصناماً متعددة.

معنى: (أشهد أن محمداً رسول الله)

إذا قلت: (أشهد أن محمداً رسول الله) ، فمعنى الرسالة أن الله أرسله، والرسول لابد أن تكون معه رسالة، إذاً لا يوجد رسول بدون رسالة، ولا يسمى رسولاً إلا برسالة معه، فتؤمن بالرسول وبالرسالة التي جاءك بها من عند من أرسله.
ومن لوازم (لا إله إلا الله) : أنك لا تعبد سواه، وتؤمن به وبكل ما جاء عنه، وإذا قلت: (محمد رسول الله) ، كان يلزمك أن لا تعبد الله الذي ما آمنت به إلا عن طريق هذا الرسول وبمقتضى الرسالة التي جاءك بها، فإن عصيت رسول الله، فحقيقة المعصية معصية لمن أرسله إليك. 
ويجب أن نعلم أن المعصية لله ورسوله قسمان: معصية غلبة النفس والهوى، ومعصية التعنت والعناد، وهذه عياذاً بالله قد تخرج من الملة؛ فمن جحد شيئاً مما جاء به رسول الله، أو استحل شيئاً مما حرمه رسول الله، أو حرم شيئاً مما أحله رسول الله، وقال: إنه حرام، لا أنه امتنع منه، فإنه كافر برسالة رسول الله من عند الله، وليس صادقاً في قوله: (محمد رسول الله) .
إذاً: جبريل عليه السلام سأل عن الإسلام، والرسول (صلى الله عليه وسلم) أجابه بالأركان الأساسية، وهي: الشهادتان، وإقام الصلاة، وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت بالشرط: إن استطعت لذلك سبيلاً.
هذا ما يتعلق بالإسلام، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد.

معنى الإيمان لغة وشرعاً

وقول جبريل عليه السلام: (أخبرني عن الإيمان؟) هذا سؤال ثانٍ منه عليه السلام بعد أن سأل عن الإسلام وتلقى الجواب، فسأل ثانية عن الإيمان.
والإيمان لغة: التصديق، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف:١٧] أي: مصدقٍ لنا. وإذا كان الإيمان لغة: التصديق، فإن الإيمان في عرف الشرع واصطلاحه عند سلف الأمة إنما هو: اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالجوارح.

علاقة الإسلام بالإيمان

اتفق العلماء على أن الإيمان أخص من الإسلام، فقالوا: لقد جاء القرآن الكريم وفرّق بين مسمى الإسلام ومسمى الإيمان، قال الله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:١٤] ، ويتفق العلماء: على أن الإسلام والإيمان يجتمعان ويفترقان؛ يجتمعان إذا ذكر واحدٌ منهما، ويفترقان إذا ذكرا معاً.
مثال: إذا قيل: أمة الإسلام بخير فيدخل المسلمون والمؤمنون، وإذا قيل: المؤمنون على خير، أي: والمسلمون، أما إذا ذكر معاً: فالإسلام خير والإيمان خير منه أو أخص منه، فلكل اسم ومسمى
وعلى هذا: إذا أفرد الإسلام فقط، فإنه يتضمن ما تضمن معنى الإيمان، وإذا ذكر كل واحد مع الآخر، فكل واحدٍ له مسماه ودرجته.

أدلة الإيمان بالله

إذا كان الإيمان لغة: التصديق، وشرعاً: ما أجاب به رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهو لم يخرج عن المعنى اللغوي ولكن أضاف إليه جزئية: (أن تؤمن بالله) ، ومعنى تؤمن هنا: تصدق وتعتقد وتلتزم.
ومعنى الإيمان بالله: التصديق بالله، وعلى أي شيء تصدق؟ هل على مجرد وجود الله؟ فإن الكفار والمشركين كانوا يؤمنون بذلك، والله سبحانه قد أقام الأدلة العقلية على وجوده، وجاءت النصوص النقلية بوجود الله سبحانه وتعالى.
كما جاء عدي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال له: (كم إلهاً تعبد؟ قال: سبعة، قال: أين هم؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء، فقال: من الذي لرغبتك ورهبتك وحاجتك؟ قال: الذي في السماء) .
فمع وجود آلهة ستة في الأرض فهو يؤمن بالله، ولكن على المشاركة، وإيمانه بالله خاصٌ عند الشدة، كما قال الله عن المشركين إذا جاءتهم شدة: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:٦٥]
والإيمان بإله معبود أمرٌ من ضروريات البشر، ولذا لا تجد فرداً من بني آدم إلا ويؤمن بمألوهٍ عنده، سواء كان ذلك المألوه حقاً أو باطلاً، والمسلم قد التزم: (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) ، وجاءه الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالكتاب الذي فيه آيات القرآن الكريم فيما يتعلق بحقوق الله سبحانه، فالإنسان من حيث هو لابد أن يجعل له مألوهاً يجلب له الخير لعجزه، ويدفع عنه الضر لضعفه، فإن وفقه الله واتبع رسله، كان مألوهه هو الله سبحانه وتعالى.

معنى قولنا: إن الله واجب الوجود

إن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود وليس جائز الوجود.
ومعنى (واجب) : أن وجود الله سبحانه لم يسبق بعدم، بخلاف جائز الوجود، مثلاً: أنت الآن لم تتزوج، ثم تزوجت ولكن لم تنجب ولداً، فولدك الذي في الغيب جائز الوجود وليس بواجب، بمعنى: أنه يجوز أن يولد لك ولد ويجوز أن لا يوجد لك ولد، 
فما يهمنا في هذا الحديث في بيان الإيمان أولاً وقبل كل شيء: أن تؤمن بالله.
وقد قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) الإيمان بالله؛ لأن منطلق كل إيمان ومنطلق كل عمل يرجع إلى هذا المبدأ؛ لأنك إذا آمنت بالله آمنت بأنه موجود، وأنه فعال لما يريد، وأنه أرسل الرسل وأنزل الكتب، وشرع وأمر ونهى، وأعد جنة وناراً إلى آخره.
فالمؤمن بالله أول خطواته إيمانٌ بكل لوازم الإيمان بالله، وهو كل ما جاء عن الله وأخبر به رسول الله عليه الصلاة والسلام. وجبريل عليه السلام سأل عن الإيمان الذي يجب على الإنسان أن يصدقه ويعتقده العبد، فأجابه (صلى الله عليه وسلم) بمجموع المسميات في هذا الجواب، فكأنه يقول: هذه الخصال هي الإيمان الذي تسأل عنه.

اولا: الإيمان بالملائكة

قال (صلى الله عليه وسلم): (وملائكته) . الملائكة هم رسل الله إلى الخلق، وحقيقة الملائكة عبادٌ مكرمون، وهم عالمٌ نوراني خلق من النور، ويتفق أهل السنة على أن الملائكة ليسوا كالبشر، ولذا لا يقال فيهم: إنهم حيوان ناطق كالإنسان؛ لأن الإنسان حساس نامٍ، أي: يبدأ من الصغر ثم ينمو ويكبر، والملك لا يحتاج إلى نمو، وإنما يخلق على ما هو عليه.

طوائف الملائكة وأعمالهم

جاء في أمر جبريل عليه السلام، لما طلب منه رسول الله أن يريه ذاته على طبيعته، أنه ظهر له وقد سد الأفق كله، وفي الصحيح: (ما من موضع قدم إلا وفيه ملك قائم أو ساجد أو راكع يذكر الله) .
ويتفق علماء السنة أيضاً بأن الله جعلهم طوائف، ولذا: التاء في: (ملائكته) ليست للتأنيث ولكنها للطوائف المتعددة، فهناك ملك الوحي جبريل عليه السلام، وهناك ميكائيل الموكل بالأرزاق وما ينزل من السماء إلى الأرض، وهناك عزرائيل الموكل بقبض الأرواح ومعه أعوانه وجنوده، وهناك ملك الجبال ومن يساعده، وهناك ملائكة في البحار، وملائكة موكلة بالأرحام وهكذا ملائكة يتعاقبون فينا بالليل وملائكة بالنهار: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد:١١] .
إذاً: الملائكة طوائف لا يحصيها إلا الله.

وجوب الإيمان بعالم الملائكة الغيبي ودليله

نحن إن لم نشاهد الملائكة فإننا آمنا بالله الذي أرسل رسوله وأنزل كتابه، وآمنا برسول الله الذي بلغنا عن الله وأخبرنا بوجود الملائكة، هل نقول: لا نؤمن بها لأننا لم نرها؟ لا والله، بل من لطف الله بالأمة أن يري بعض أفراد الأمة بعض آحاد الملائكة
كما جاء فى قصة العباس حينما استأذن على رسول الله ولم يأذن له وهو يراه بعينه داخل البيت، فرجع مغضباً، فقال له ابنه: لعله مشغول بالرجل الذي عنده، قال: وهل عنده أحد؟ قال عنده رجل: فرجع، ولما رجع كان الرجل قد ذهب، فقال: يا رسول الله! جئتك أستأذن عليك ثلاثاً فلم تأذن لي، ويقول هذا الغلام: إنك كنت مشغولاً برجل عندك، فقال (صلى الله عليه وسلم) للغلام: (هل رأيته يا غلام، قال: بلى رأيته، قال: هذا جبريل ذهب عني آنفاً)، وهناك العديد من الصور التي هي من آحاد رؤية بعض البشر لبعض الملائكة. وعلى بقية أفراد البشر أن يؤمنوا ببقية أفراد الملائكة.

الإيمان بالكتب

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (وكتبه) .
ويقول العلماء: لقد أنزل الله سبحانه وتعالى مائة كتاب، ومائة وعشرين صحيفة، ستين لشيث، وثلاثين لإدريس، وثلاثين لإبراهيم، ويختلفون في عشر، وهل نوح نزل عليه صحف آدم نزلت عليه؟ نحن نؤمن بما أنزل الله سبحانه، فكل كتاب أنزله الله على رسله فنحن نؤمن به، ونؤمن بأن القرآن الكريم هو خاتم الكتب، وقد وعى كل ما سبقه من الكتب، وصار مهيمناً عليها.
وكما يتفق العلماء بأن جميع الكتب السماوية المعروفة: التوراة والإنجيل وصحف إبراهيم وموسى، وما سبق ذلك من الصحف، كلها تضمنها القرآن الكريم، ويزيد بعض العلماء أن كل القرآن حوته الفاتحة، ولذا سميت أم الكتاب وأم القرآن، وقالوا في معنى ذلك: لأن جميع أبواب الفقه أو التشريع أو العلوم التي جاءت في القرآن أصولها موجودة في الفاتحة؛ لأن القرآن بكل مدلولاته إما بيان حق لله، وإما بيان للماضي، وإما بيان للمستقبل، وإما بيان لحق الخلق فيما بينهم ولم يبق شيءٌ بعد ذلك.

الإيمان بالرسل

قال (صلى الله عليه وسلم): (ورسله) . الرسل: جمع رسول، ولا يحصي رسل الله في الناس إلا الله، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر:٧٨] ، ولكنهم يتفقون على عدد معين، ويذكرون منهم أيضاً تمييزاً: أولي العزم من الرسل، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم.
والرسل هم من اصطفاهم الله من خلقه لخلقه، وهم بشر من البشر، لكن اصطفاهم الله وميزهم وطهرهم وأوجب لهم الطاعة بما أنزل عليهم. وخاتم الرسل هو محمد (صلى الله عليه وسلم). ويتفق العلماء على أننا مع أننا نؤمن بجميع الرسل؛ لكن ليس لنا اتباع أحد إلا خاتم المرسلين، ولهذا بين (صلى الله عليه وسلم) أن نبي الله عيسى إذا نزل في آخر الزمان يكون متبعاً للنبي (صلى الله عليه وسلم).والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد.

الإيمان باليوم الأخر

 قال (صلى الله عليه وسلم): (واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره) .
معنى قوله: (واليوم الآخر)
إن الكلام عن الإيمان باليوم الآخر لهو الكلام عن الإيمان بالدين كله، والإيمان باليوم الآخر لهو الإيمان بكل أحداثه ومجرياته وما يكون فيه.
واليوم: جزء من الزمن على ما يجري تقديره عندنا، ولكن اليوم الآخر على خلاف هذه الأيام؛ لأن اليوم في اللغة هو ما يعقبه الليل، وليس في يوم القيامة ليل ولا نهار بل هو يوم واحد، ولكنه ليس كأيام الدنيا.
وقيل الآخِر: يبدأ من ساعة خروج الروح إلى أن ينزل الناس منازلهم يوم القيامة: فهما داران لا دار للمرء سواهما؛ إما جنة وإما نار، نسأل الله السلامة والعافية.

أثر اليوم الآخر على أعمال المؤمن به

الإيمان بهذا اليوم يعتبر القاعدة والمنطلق بعد الإيمان بالله لكل عمل من البشر، فمن آمن باليوم الآخر عمل بمقتضاه؛ فعمل الخير رجاء الثواب، وتجنب الشر مخافة الحساب.إذاً: الإيمان باليوم الآخر هو قاعدة المنطلق للتكاليف بعد الإيمان بالله ابتداءً واعترافاً بالمولى سبحانه رب العالمين، ثم بعد ذلك يؤمن باليوم الآخِر.
و(ملائكته) : لقد شاهد بعض أفراد الإنس بعض أفراد الملائكة، والواحد من الجنس يكفي في الدلالة على عموم الجنس.
(وكتبه) : لا يستطيع عاقل أن ينفي الكتب السماوية؛ لأنها توارت بها أخبار الأمم.
(ورسله) : كل أمةٍ تشهد على من قبلها بإرسال الرسل، وهذه الأمة شاهدةٌ على جميع الأمم بأنها جاءتها رسل الله، وقد تحتج الأمم يوم القيامة، كيف تشهدون علينا وإنما جئتم بعدنا {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء:٤١] .
فنقول لتلك الأمة: نعم جئنا بعدكم وعندنا أخباركم، جاءنا بها صادق مصدوق، إذاً: الإيمان بالرسل ليس محض غيبٍ، فعندنا أخبار متناقلة ومستندها الحس، فكل أمةٍ سمعت وشاهدت وعلمت.
أما اليوم الآخر فلا دليل ملموس محسوس عليه، ما قام يومٌ آخر قبل ذلك حتى يكون عندنا علم منه، ولهذا كان الإنكار فيه شديداً، ونفت كثير من الأمم أو الطوائف شيئاً يقال له: بعث أو حياة بعد موت.

كل التكاليف منطلقها هو الإيمان باليوم الآخر

يقول العلماء: هناك علم اليقين وهناك عين اليقين وهناك حق اليقين.
فالإيمان باليوم الآخر يجب أن يكون إيماناً حقيقياً، وهو حق اليقين، وعلم اليقين: العلم الذي لا يعتريك فيه شكٌ ولا تستطيع أن تدفعه، فتعلم يقيناً بأن الكل أكثر من الجزء، والجسم أكبر من الإصبع، وتعلم أنت وكل مسلم في العالم بأن قبلته هي الكعبة، ولا يشك مسلم في ذلك، ولو أراد أن يكذب نفسه ما استطاع، فإذا ما قدر له أن جاء إلى مكة وإلى المسجد الحرام، وأطل من باب المسجد ورأى الكعبة في وسطه، هل علمه بوجود الكعبة وهو في بلده يساوي علمه بوجود الكعبة وهو يعاينها أم زاد علمه؟ زاد علمه.
فإذا ما قرب من الكعبة وطاف بها ثم فتح له الباب ودخل إليها وأخذ يتردد في أرجائها، هل يكون علمه حين عاينها كعلمه حينما دخل في وسطها؟ لا.
فالأول: علم اليقين، والثاني: عين يقين، والثالث: حق اليقين، وهكذا الإيمان بالآخِرة يجب أن يكون واصلاً إلى اليقين الذي هو حق اليقين.
ولذا أنت تصلي وتحافظ على الصلوات، وتصوم وتتحمل الظمأ في شدة الحر، وتتحمل الرحلة إلى الحج، وتخرج من مالك الزكاة والصدقة موقناً بأن هناك يوماً يأتي تأخذ فيه جزاءك، وشهواتك ورغباتك تكف عنها، لماذا؟ لأنك توقن بأن هناك يوماً تأخذ فيه جزاءك أو تلقى عقابك، وهكذا جميع التكاليف أفعالاً وتروكاً منطلقها الإيمان باليوم الآخِر.

جدال المشركين فى التوحيد والبعث

لقد كانت المعركة قوية، والنزاع شديداً، بين الرسول (صلى الله عليه وسلم) وبين المشركين في أمرين: كون الله إلهاً واحداً، وكون الناس يبعثون بعد الموت، ومكث (صلى الله عليه وسلم) ثلاث عشرة سنة وهو يجاهد في هذين الأمرين
فالمشركون استعظموا الأمرين: كون الآلهة إلهاً واحداً وهم يؤمنون بآلهة متعددة، ومشكلتهم في التعدد، لو قال لهم: آلهة متعددة؛ واحد في السماء والبقية عندكم ما خالفوه، ، كما قال عدي حين سأله (صلى الله عليه وسلم): (كم إلهاً لك يا عدي؟ قال: سبعة، قال: أين؟ قال: واحد في السماء وستة في الأرض!) ، لو أن الرسول قال: الآلهة ثلاثة أربعة خمسة فلا مانع ولا نزاع، إذاً: هم يؤمنون بمبدأ التأله أو الألوهية، ولكنهم يعددون والرسول يدعوهم إلى التوحيد، فقال: (من الذي لرغبتك ولشدتك، قال: الذي في السماء) . إذاً: قضية الألوهية موجودة، لكن الخلاف في التعدد.
وقضية البعث هم يستبعدونها؛ ولذا نجد أن القرآن الكريم عُني بهذه القضية، وبإقامة الأدلة عليها بما لا يدع مجالا لشك قط ولو مع أنصاف العقلاء، ولذلك نجد كثيرا من أدلة البعث وأدلة وجود الساعة التي سجلها القرآن الكريم ليتدبرها الخلق جميعا، 
وذكر العلماء أدلة البعث من كتاب الله، وهي أربعة: خلق الإنسان من عدم، وخلق السماوات والأرض، وإحياء الأرض بعد موتها، وإحياء بعض الموتى في الدنيا من الإنسان والحيوان والطيور والحوت، مثل  (قتيل بنى اسرائيل - موت العزيز مائة سنة -  إحياء الله لأهل الكهف - إحياء الله لقوم موسى عليه السلام - إحياء الله الطيور لإبراهيم عليه السلام - إعادة الحياة لحوت موسى عليه السلام)، وهذه الأمثلة تعد من أدلة البعث التي اشتمل عليها كتاب الله، وهي أمثلة ملموسة للأمم كلهم، 
وقد جاءنا الصادق المصدوق (صلى الله عليه وسلم) بذلك، وقد التزمنا بالتصديق بما يأتي به، وذلك من لوازم (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، وآمنا بالملائكة الذين جاءوا بالكتاب، والكتاب فيه البعث، وفيه تلك الأخبار كلها، ولهذا لم يعد أمر البعث مستغرباً أو مستبعداً؛ لأننا شاهدنا آثار وجوده وآحاده في الحياة.
ومن هنا كان الإيمان باليوم الآخر من أركان الإيمان، وكان هو منطلق الالتزام بالتكاليف فعلاً وتركاً، 
ويتعين الإنتباه إلى إن مجرد الإيمان بالبعث أو باليوم الآخر ليس هو المقصود وحده، ولكن المقصود الإيمان بما يكون في ذلك اليوم من أحداث غيبية، ومن حساب وجزاء وعقاب، وما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه، وأخبر به رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

الموت والبرزخ وبداية اليوم الأخر:

أما الموت فلا ينكره أحد؛ فهو بداية اليوم الأخر لكل إنسان بحسبه أما يوم البعث ويوم الحشر فهو للجميع.
وبداية اليوم الآخر بالنسبة لكل فرد من بداية النزع، ولحظات سكرات الموت ومفارقة الدنيا والإقبال على الآخرة، ولذا يقول الفقهاء: من مات فقد قامت قيامته، يعني: انتهت دنياه وبدأ في طريق الآخرة.
ومن عند الموت تبدأ أحوال الآخرة وأولها عملياً البرزخ، وكلمة البرزخ بدلاً من القبر؛ لأن البرزخ أعم من القبر، فمن أحرق فهو في برزخ، من أغرق وأكلته الحيتان فهو في برزخ، من أكلته السباع في الخلاء فهو في برزخ.
ويقول ابن كثير: ولو أحرق وذري في الهواء فهو في برزخ، أي: برزخٌ بين الدنيا والآخرة؛ لأن مرحلة وجود الإنسان أولاً في عالم الذر، وعندما أخرج الله ذرية آدم من ظهره، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى. هذه مرحلة رجعوا منها إلى أصلاب الآباء وجاءوا منها إلى الأرحام فهي مرحلة. ثم خرجوا إلى الدنيا، وهي محطة الزرع والتزود وينتقلون منها إلى البرزخ. وهذه مرحلة.
ثم تأتي المرحلة النهائية وهي يوم القيامة واليوم الآخِر، وسميت القيامة أو اليوم الآخر ساعة مع أنه فوق خمسمائة ألف سنة؛ إما لتسمية الكل ببعضه، أو لأن العبرة في ذلك بأوله، أي: أول مجيء هذا اليوم، أو بما يكون فيها من مباغتة الناس لحظة، أي: أول مجيئها.

السؤال عن الساعة في حديث جبريل

والذى بقي في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام سؤاله الأخير: (أخبرني عن الساعة؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها؟) .
وسؤال جبريل عليه السلام عن الساعة إنما هو لتعليم الحاضرين، كما أجابه (صلى الله عليه وسلم) بتلك القاعدة العامة، ولكن بأسلوب أعم وأشمل، وإلا فقد كان مقتضى السياق أن يقول له: لست أعلم بها منك، ولكن لتعليم الحاضرين ألا يعودوا إلى السؤال عنها مرة أخرى، فقال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) .

يوم قيام الساعة

أخفى الله سبحانه وتعالى علمها على الخليقة كلهم، فلم يَطَّلِع عليها ملك ولا نبي ولا إنسان، ولكن جاء عنه (صلى الله عليه وسلم) تحديد اليوم الذي تكون فيه وهو يوم الجمعة،  فهو يوم موعد قيام الساعة، ولكن متى؟ لا يعلم ذلك إلا الله. وروى البخاري رحمه الله: (تقوم الساعة بغتة، ويكون الثوب بين رجلين فلا يطويانه ولا يتبايعانه)

أمارات الساعة

وفي الحديث: قال جبريل عليه السلام: (أخبرني عن أماراتها؟) ، أي: إذا لم تكن تعلمها وأنا لن أعلمها، فهل لها أمارات وعلامات، أو لا؟ والأمارات: جمع أمارة وهي العلامة.

(أن تلد الأمة ربتها)

قال: (أن تلد الأمة ربتها، وأنت ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) ، في هذا الموضع من هذا الحديث يكثر إيراد آراء العلماء على قوله: (أن تلد الأمة).
الأمة: هي المرأة المملوكة بملك اليمين، والتي أخذت في أسارى الحرب من الميدان في المعركة؛ لأنه لا إماء إلا بقتال، أو متولدةً من أمة، وما عدا ذلك فلا رق في الإسلام.
(أن تلد الأمة ربتها) ، أي: سيدتها، فقيل: أن تلد تلك المرأة المملوكة بملك اليمين سيدتها التي تملكها، 
وقيل: قد يكثر الإماء ويكثر التسري بهن، وتباع الأمة وهي حامل، ثم تلد، ثم يشتريها رجل وتكون عنده وتلد ولداً يشتريه آخر ثم يعتقه، ثم يشتري هذا المعتق هذه المرأة التي ولدت هذا الولد، فيملك أمه وهو لا يدري. فعندئذ تنعكس المقاييس ويحصل الاختلاط وتنقلب الأوضاع، وهذا من علامات آخر الزمان.

(وأن ترى الحفاة العراة)

الحفاة: هم الذين لا ينتعلون في القدمين. والعراة: الذين لا يلبسون شيئاً؛ 
وهل يصير الناس عرايا مثل إنسان الغابة لا يلبسون شيئاً، أو أن ذلك مبالغة في وصفهم بحالة الفقر وعدم امتلاك شيء؟ (رعاء الشاء العالة) العيلة الفقر، وكثرة العيل الأولاد، وما عال من اقتصد.
والحديث يقول: ترى هذا الصنف من الناس تنقلب مقاييسهم؛ فبعد أن كانوا عالة حفاة رعاء، فإنهم يتطاولون في البنيان فيما بعد، والتطاول ليس مجرد بناء، بل هذا بنى بيتاً من طابق ويأتي آخر بجواره ويبنيه من طابقين، ويأتي الآخر ويبنيه من ثلاثة، والآخر يبينه من أربعة، وهكذا يكون التطاول هذا استطال وهذا يتفاعل، والتفاعل التقابل أي: يتسابق كل منهم إلى أن يكون بناؤه أطول بناء من الآخر

ما يستفاد من منصرف جبريل عليه السلام عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)

ماذا فعل جبريل بعد ذلك؟ انصرف. يقول عمر رضي الله تعالى عنه: (فلبثت ملياً)، أي: كان القوم لا يزالون جلوساً في هذا المجلس، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (ردوا عليّ الرجل) ، أي: هذا الرجل السائل، قال عمر: فطلبناه فلم نجده.
فقال (J): (يا عمر! أتدري من الرجل؟ قلت: الله ورسوله أعلم) ، 
قال: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم) ، في نهاية هذا الحديث يخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحاضرين أن هذا الرجل جبريل، وقد أشار عمر رضي الله تعالى عنه في أول الحديث حينما قال: (بينما نحن جلوس عند النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد) .
هذا النظيف الظريف الذي هو شديد البياض في الثوب والشعر، وليس عليه أثر سفر، ولا يعرفه أهل المدينة: إما أنه من أهل المدينة فيعرفونه، وإما أنه قادم من خارجها فيكون عليه أثر السفر؛ وكل ذلك لم يكن. إذاً: ليس من أهل المدينة، وليس قادماً من سفر، فلابد من وجود قسم ثالث، ما هو؟ إنه جبريل.
والإيمان بالملائكة من أركان الإيمان: ، وأركان الإيمان ستة، تؤمن بالله، الملائكة، الكتب، الرسل، القدر، البعث، وكلها أمور غيبية ليست محسوسة عندنا، ولكن في هذا الحديث فردٌ من أفراد الغيب، وهم الملائكة، يأتي إلى المسجد ويراه المسلمون بجوار رسول الله، ويخبرهم الصادق المصدوق بأنه جبريل.
إذاً: ركنٌ من أركان الإيمان الستة لم يعد غيباً بل أصبح مشاهداً محسوساً، وأشرنا إلى طبيعة جبريل والملائكة، فجِبريل حينما طلبه رسول الله أن يريه صورته على خلقته العادية ظهر إليه في الأفق وقد سده، والأفق هو ما بين السماء والأرض في منتهى النظر.
ويهمنا قوله (صلى الله عليه وسلم): (أتاكم يعلمكم أمر دينكم) ، وقد علمهم الإسلام والإيمان والإحسان واليوم الآخر، فجعل (صلى الله عليه وسلم) الدين عنواناً للإسلام والإيمان والإحسان وما يتعلق بأخبار القيامة.
إذاً: كلمة الدين أعم مسمى، وجاءت الآية الكريمة: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:١٩] ، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:٨٥] .
والله أسأل أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم).
*******

تعليقات

مقالات ذات صلة