القائمة الرئيسية

الصفحات


شرح الحديث 

تدخل النية في جميع الأعمال

كلمة (إنما) فى اللغة أداة قصر أو حصر، واستعملت للأعمال وهى معرفة بأل فتشمل جميع الأعمال، فجميع الأعمال مقصورة ومحصورة ومتعلقة بالنية. كل عمل لابد أن يتعلق بالنية. فإذا لبست تنوي الستر كان لك أجر، وإذا لبست تنوي الفخر والخيلاء كان عليك وزر، إذاً: ما خرج من هذا الحديث شيء، حيث شمل كل الأعمال، وبالتالى تكون النية لها دخل حتى في العادات، فإذا كان الإنسان يريد عملاً ما من أمور الدنيا أو أمور الآخرة فله من الجزاء بحسب نيته.

أهمية النية

كل عمل تتوقف صحته وكمال أجره على النية والنية من أعمال القلب وهو ما ينعقد عليه القلب من عقائد كالإخلاص والخوف والرجاء، فهي القصد إلى العمل، وليس هناك حاجة للتلفظ بها.

1) أثر النية في العبادات (الواجب والمسنون) 

إذا كان هناك أمران يقتضيان غسلاً أحدهما واجب والآخر مسنون، فإذا نويت المسنون لم يسقط الواجب، وإذا نويت الواجب سقط المسنون ودخل ضمناً، كمن أصبح يوم الجمعة جنباً فاغتسل ينوي غسل الجنابة، فإنه يدخل غسل الجمعة معه، أما إذا نوى غسل الجمعة فإنه لا ترتفع عنه الجنابة؛ لأنه لم ينوها؛ والأعمال بالنيات.
وفي الصلاة، إذا أراد النافلة لم تندرج تحتها الفريضة بحال، وإذا نوى الفريضة فقد تندرج معها النافلة، فإذا جئت والإمام في الصلاة في صلاة الصبح ونويت الفريضة دخلت تحية المسجد معها، وكذلك إذا أردت سنة الفجر ونويت تحية المسجد معها، دخلت تحية المسجد مع سنة الفجر؛ لأنها أقوى في الطلب، وهكذا النية تحدد وتعين وتبين المطلوب.

2) أثر النية في المعاملات (وتحولها إلى عبادات)

قال العلماء: إن حديث النية يدخل بين العادة والعبادة فيصير العادة عبادة. مثال ذلك إذا نام رجل للقيلولة ينوي بها التقوي والاستعانة على قيام الليل لكان نومه عباده، وله في ذلك أجر، ولو أنه أكل وشرب ليتقوى على الجهاد في سبيل الله لكان أكله وشربه عبادة.كما قال (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه حينما خرجوا في فتح مكة وكانوا يصومون قال: (إنكم دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم) ، فمن أفطر في ذلك اليوم وأكل بنية التقوي بأكله على قتال أعداء الله، فله على هذه النية أجر.

3) ترغيب النبي عليه الصلاة والسلام في النية الحسنة والترهيب من ضدها

وجاء عنه (صلى الله عليه وسلم): (ألا إنما الدنيا لأربعة: رجل أعطاه الله مالاً وعلماً، فعرف حق الله فيه فهو في أعلى عليين، ورجل لم يعطه الله مالاً وأعطاه علماً فقال: لو أن لي من المال ما لفلان لعملت فيه كما يعمل، فهما في الأجر سواء، ورجل أعطاه الله مالاً ولم يعطه علماً، فلم يعرف حق الله فيه فهو في أسفل سافلين، ورجل لم يعطه الله مالاً ولا علماً فقال: لو أن لي مالاً لعملت فيه مثلما يعمل فلان، فهما في الوزر سواء) ،  فالذى فرق بين درجاتهم هى النية عما اذا كانت حسنة او غير ذلك. فكل عمل يقوم بنية صاحبه.
وجاء الحديث بذكر الهجرة لخصوصها، فقد كانت أمراً عظيما وهي أعظم حدث في الإسلام. ولذا نوه بها (صلى الله عليه وسلم) إعظاماً لشأنها. والله تعالى أعلم.
وإذا تأملنا حال المهاجرين فقد يهاجرون حقاً لله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، فيجدون الكرامة ويجدون العوض عند الله عز وجل، ومن الناس من قد يهاجر لأجل الدنيا فيجدها، فيأتي فقيراً ويغنيه الله، وقد يأتي مهاجراً للزواج فييسر الله له زواجه.
ومن هنا يرجع أول الحديث على آخره (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم).

المرجع

تم اختصار الشرح والتحليل من كتاب الأربعين النووية للدكتور/ عطية سالم 

تعليقات

مقالات ذات صلة